إذا كنت من متابعي الأعمال الفنية كالمسلسلات والمواد المسرحية والأفلام فلابد بالتأكيد أنك حين تنتهي من أحد الأعمال الفنية لا تتوقف عن مدح التمثيل ومدح الإخراج وزوايا التصوير والصوت والأغاني والموسيقى لكن هل فكرت في فن المونتاج ؟ هل تعرف ما الذي يقوم به المونتير؟ ألم تتساءل قبلًا عن هذا؟!
قبل أن تعرف المونتير وتقدر مجهوده الفني لابد لك أن تعلم ما هو فن المونتاج أصلًا! وهذا ما سنعرفك عليه عزيزي القارئ في السطور القادمة، أن المونتير هو الذي يقوم بأعمال المونتاج هو أحد أهم ثلاثة أركان يقوم عليها العمل الفني وهم كاتب السيناريو والمخرج والمونتير.
المونتاج (Montage) أو تحرير الفيديو (Video Editing) بشكل عام هو عملية اختيار وترتيب المشاهد بشكل مناسب وتقدير طولها الزمني بطريقة تقدم رسالة يريد أصحاب العمل توجيهها للمشاهد، أيًا كانت الرسالة التي يريدون الإفصاح عنها.
لذا المونتاج هو فن إبداعي تفكيري، يهدف بشكل أساسي إلى الكشف عن الرؤية الفنية والإبداعية لمحتوى الفيلم، من حيث كل تفصيلة فيه مثل إظهار الإبداع الشخصي للمؤلف الذي قام على كتابة العمل، وأيضَا التعبير عن مدى احترافية ورؤية وتخيل المخرج لوتيرة الأحداث. أو مثل إتقان الممثلين المختارين لأدوارهم بشكل جيد، وأشياء آخرى مثل تناسق المقاطع الموسيقية في الخلفية لذلك يعتبر فنًا معبِّرًا عن جميع فكر العاملين بالفيلم، ويقوم بعكس لاتجاهاتهم وميولهم للموضوع المطروح، وعكس الاتجاهات والأفكار.
وبناءًا عليه يتم المونتاج عن طريق عمليات متعددة ومختلفة مثل قص مشاهد معينة ولصق أخرى وحذف غير المهمة والمتكررة، وكذلك إضافة الانتقالات من مشهد لمشهد والانتقال بين زوايا التصوير للممثلين على حسب ترتيب النصوص. وكذلك المؤثرات السمعية والبصرية. وتبدأ مرحلة المونتاج بعد اكتمال مرحلة التصوير، والتي لا بد للمخرج والمصور أن يكونوا ملمين بها، من حيث عدة زوايا مثل أحجام اللقطات، والتكوينات داخل كل لقطة، وزوايا التصوير وخلافه.
فن المونتاج
قد يخيل إليك أن المونتاج ليس إلا مجرد مجرد تركيب وإلصاق كادر بأخر حتى النهاية، لكن في الحقيقة لو تأملت قليلًا لوجدت كيف ازدادت أهمية أعمال المونتاج للهواة ولغير المتخصصين حتى. لقد أصبح تصوير ونشر الفيديوهات ثقافة معاصرة ولاقت رواجًا كبيرًا، وأتيح للجمهور إنتاج أعمال فنية بشكل متكامل وسريع وسهل وذلك نتيجة لتوفر تقنيات التصوير والمونتاج الرقمية على أجهزة الموبايل وأجهزة الكمبيوتر. أيضَا وتطور تقنيات التصوير وإتاحة قنوات مجانية أو رخيصة متاحة للجمهور.
ومن خلال المونتاج ومن بين أيدي المونتير يمكن أن يخرج الفيلم مشوهاً ساقطًا ويلقى هبوطًا في تقييم الناس له أو قوياً ومترابطاً وناجحاً. فباستطاعة المونتير المكلف بالعمل أن يجعل منه عملاً بارعاً من خلال إحسان إظهار العناصر الفنية الأخرى من ممثلين ومصوّرين وعمال لإضاءة وصوت وغيرهم، يبرز فيه مجهوداتهم الكبيرة والقيمة التي بذلوها لإخراج هذا العمل على أكمل وجه. وفي قدرته أيضَا ان يضيف إلى العمل أبعاداً أخرى من عنده تمنح العمل الجودة والأصالة، كما أن في قدرته أن يفسد العمل وكأنه لم يكن.
إن المونتاج لكادرات أى عمل فنى من المفترض أن يكون على أسس وقواعد، وهناك من المخرجين من يقوم بتحديد بدقة المنتج النهائي للمونتاج وذلك قبل البدء التصوير، وحين الانتهاء من التصوير لا يحتاج المونتير الكتير من المجهود أو التفكير. ومن المهم جدًا أن يكون المونتيرعلى علم بكيفية عمل بقية فريق العمل والأشخاص وكيفية سريان نظام عملهم، وكذلك كل شخص يعمل بصناعة السينما لابد أن يكون لديه على الأقل بعض المعرفة عن كيفية نظام عمل كتّاب السيناريو والمخرجين والمصورين وخلافه.
من المحتمل أيضَا أن يغير المونتاج من تكوين الصورة ويمكنه أيضَا التعديل على المشهد بحسب ما يترائى للمونتير وبما يتوافق مع رؤية المخرج. فمن الممكن أن يعدل من ترتيب الحوار والمشاهد والإضاءة بالاشتراك مع المخرج بالتأكيد ولذلك فللمونتير الإمكانية والصلاحية للتعديل على تكوين المشهد بشكل عام ليحقق الجماليات الفنية المطلوبة. ويمكنك الاطلاع على أهمية التكوين فى الأعمال الفنية في مقال: ارتجال الأناقة … ماذا تعرف عن قواعد التكوين؟
لو تساءلت قبلًا على ماذا تقوم عملية المونتاج أو ماذا يفعل المونتير على وجه الخصوص إليك الآتي:
قد تتساءل في خيالك أو عقلك ماذا يفعل المونتير على وجه الخصوص مادامت عملية التصوير والإخراج قد تمت على أكمل وجه، ولديك كل الحق في هذا فدعنا نشرح لك هذا الالتباس، يقوم المونتير بالآتي:
- التخلص من الأجزاء غير المرغوب فيها.
- تصحيح أخطاء التصوير قدر المستطاع.
- ترتيب المشاهد حسب الموضوع المخطط.
- إضافة مواد مساعدة تكميلية (صور ثابتة – نص – أصوات – أو غيرها).
- إضافة تأثيرات مختلفة مثل التحولات والمرشحات أو الفلاتر المختلفة.
- التنويع والحفاظ على ايقاع لأحداث والعمل ككل تجنبا للملل
- إجراء مقارنات من خلال الصوت والصورة
- تمييز الأجزاء المهمة عن طريق إعادة الترتيب أو الاختصار.
ما الذي يسعى إليه المونتير في عمله في المونتاج ؟
تنفيذ القطع المبرر:
يمعنى أنه إذا أراد المونتير أن يقطع مشهدًا ما لابد أن يكون عنده مبرر وسبب منطقي متعلق باللقطة السابقة أو اللاحقة. فمثلًا لو ظهر مشهد يبدو فيه الممثل فرحًا ومتفاجئًا يجب أن يكون المشهد التالي بالسياسة التقليدية للمونتاج يكون كاشفَا عن سبب السرور، إلا إذا أراد المخرج أو المونتير اتباع سياسة أخرى كتشويق المشاهد حينئذ يمكنهم اعتماد مشاهد أخرى في السياق. ومن الوارد جدًا تصوير المشهد نفسه باستخدام عدة كاميرات ومن عدة زوايا وعدة مرات ويمكن أيضَا إجراء اختصار للتبديل بين المقاطع، الشيء المهم هنا هو أن يكون القطع مبررًا بشكل منطقي.
تحقيق التسلسل المنطقي:
حين يتم المؤلف إنهاء الحبكة الدرامية وينهي السيناريست السيناريو والحوار من المتوقع أن تحدث الأحداث بتسلس منطقي ولابد للسينارست أن يكون واعيًا لهذا حتى لا يكشف عن أي أحداث بين الممثلين قبل أوانها، وكذلك يفعل المونتير، لابد له أن يجعل تسلسل المشاهد منطقيًا وموازيًا لعمل المؤلف والسيناريست حتى يخرج العمل الفني متكاملًا ويكون لديه القدرة لجذب المشاهد وإثارة انتباهه.
جلب التشويق والإثارة:
يستطيع المونتير تحقيق ذلك من خلال أدوات المونتاج بشكل عام، ويتم تحقيق ذلك من خلال الاستخدام الاحترافي لعدة أبعاد مثل أحجام اللقطات، وتسريع الفيديو والتباطؤ، والقطع الإبداعي، وإعادة ترتيب اللقطات، والاستخدام الصحيح للاختصار والسرد الطويل، والاستخدام الدقيق للتأثيرات البصرية والسمعية.
ضبط سير أو مزامنة الصوت للصورة مع بعضهما البعض:
هذا أيضًا يعتبر فنًا مهمًا لابد له من إفراد للوقت، والشكل التقليدي لهذه المهمة يتطلب التأكد من سريان الصوت بشكل متناسق ومنضبط مع حركة شفاه الممثلين في الصورة، مع وجود تكنيك مهم جدًا وهو عرض لقطات رد الفعل أثناء المحادثة
المزج:
وهو خلط نهاية اللقطة أو المشهد مع بداية اللقطة أخرى، وكذلك تمديد صوت نهايات الحوار إلى بدايات المشهد الجديد التالي حسب سياسة العمل الدرامي المطلوب. حيث تبدأ لقطة معينة في الظهور، بينما تبدأ أخرى في الاختفاء تدريجياً.
استخدام سياسات القطاعات المتباعدة:
والمقصود بهذا التكنيك الانتقال من لقطة إلى لقطة أخرى ولكنها ليست متعلقة بها بصريَا ولا حواريًا. وهذا اللون له عدة أغراض وذلك بهدف زيادة التشويق، مثل قطع مشهد مطاردة قبل انتهاء تسلسله والانتقال إلى مشهد آخر هادئ لجعل المشاهد ينتظر لحظة ذروة مثيرة. كما أن يستخدم هذا التكنيك لمعالجة أخطاء التصوير وعيوب الإخراج.
المسح الضوئي:
مما يعني أن أحد المشاهد يبدأ في مسح المشهد الآخر، قد يبدأ ذلك المسح من جانب واحد من الشاشة ويتلاشى الأول بينما يستبدل التالي تدريجياً حتى يملأ الشاشة.
أهم المباديء الأساسية في عملية المونتاج
يعتمد المونتاج على ثلاث مبادئ أساسية:
- القطع في الوقت المناسب: أي يتم تحديد الموضع المناسب لقطع اللقطة، وتجنب القطع في التوقيت الخطأ.
- الزمن المناسب: أي تقدير وتحديد الزمن المناسب لكل لقطة، وتجنب الإطالة الزائدة في اللقطات.
- الانتقال المناسب: بمعنى الانتقال من لقطة للقطة أخرى بطريقة صحيحة متناسبة.
كان هذا ملخصًا بسيطًا عن مدارس أهمية فن المونتاج وكيف أنه يلعب دورًا عظيمًا في العمل الفني بشكل عام .. إذا أحببت قراءة المزيد فتابعنا على موقعنا أو على صفحة الفيس بوك