بداية مدارس الفنون التشكيلية
بعد نهاية فترة الفن المسيحي وسيطرة الكنيسة على مجالات عديدة انتشر الكثير من المذاهب والأشكال الفنية في مدارس الفنون التشكيلية المتنوعة في أوروبا والتي تضاعفت معلنة عن فترة جديدة من النهضة العظيمة في أوائل القرن الخامس عشر والذي كان مصحوبًا بفخر الفنان بشخصيته وأفكاره بدلًا من انسحاقه وسط مجتمعه الكبير
لكن التغييرات والأحداث الدينية والسياسية والفكرية التي ظهرت في المجتمع كانت تخدم فقط الطبقة الحاكمة بالأخص، حتى أنه في العام 1600 ميلاديًا ظهر الفن الباروكي والذي كان مبتكرًا من أجل خدمة الطبقة البرجوازية وأيضَا أسلوبالروكوكو الذي كان مرتبطًا بالعائلات الحاكمة وبعد اندلاع الثورة الفرنسية في العام 1789 ميلاديًا
ظهرأسلوبها الفني الخاص بيها وكان مشتقًا من الفنون اليونانية والرومانية باسم الانتماء الكلاسيكي. وقد استمرت الحركات الفنية والبلاستيكية حتى بداية القرن التاسع عشر، فظهرت المدارس الرومانسية، والواقعية وغيرها من المدارس. ولأول مرة في تاريخ الفنون نرى ونجد تأثر الفن بالعلم والاكتشافات الجديدة والحديثة حيث بدأ العلماء في البحث في علاقة الضوء باللون، وقد ساهمت هذه الأحداث في ازدهار ورؤية الفن بشكل عام وتكونت مدارس عدة تبعًا لهذا التطور المؤثر.
وفي هذا المقال سوف نحاول شرح ما هي مدارس الفنون التشكيلية بشكل عام منذ بداية الثورة الصناعية نهاية إلى عصر الحداثة
مدارس الفنون التشكيلية
المدرسة الكلاسيكية
قبل بداية حديثنا عن المدرسة الكلاسيكية لابد لنا بالتعريف بالاسم أو المسمى (كلاسيك)، ولقد جرت العادة على أن نطلق لفظ كلاسيكي على الشئ التقليدي أو القديم أو الشخص الذي يتمسك بالنظم السابقة التقليدية دون تغيير أو إضافة. والحقيقة أن لفظ كلاسيكية هو لفظ يوناني يعني (النمط الأول) أو الممتاز، وقبل أن يتم استخدام هذه الكلمة في القرن الثامن عشر كانت الثقافة الكلاسيكية قد ولدت من جديد في إيطاليا، في القرن الخامس عشر.
حينذاك كانت هناك نهضة شاملة في كافة ميادين العلم شملت فن الرسم والنحت وغيرها من الفنون، مع الاهتمام بالأصول الإغريقية في الفنون الجميلة، ثم نادت مجموعة من الفنانين بإحياء التقاليد الإغريقية والرومانية، والتي كانت أثارها في فن النحت والعمارة والتصوير تنتشر في إنحاء إيطاليا.
ومن أشهر فناني هذه المدرسة الفنان المعروف ليوناردو دا فينشي في فن التصوير والرسم ومايكل أنجلوا في فن النحت والعمارة وغيرهم، وقد سميت فترة هؤلاء بفترة العصر الذهبي، واعتبرت أعلى المراحل الفنية في عصر النهضة، وكان ذلك في القرن السادس عشر.
المدرسة الرومانسية
يؤمن فناني المدرسة الرومانسية بأن الحقيقة والجمال في العقل وليس في العين، وتعتمد هذه المدرسة على العاطفة والخيال والإلهام أكثر من المنطق لذلك لم تكن تلك المدرسة تهتم بشكل الحياة المألوفة اليومية وقد ظهرت في أواخر القرن الثامن عشر والتاسع عشر وفسرت بشكل كبير التطورالحضاري في ذلك الوقت والذي ابتدأ مع تقدم العلم وتوسع المعرفة. كما كان فنانو هذه المدرسة يختارون موضوعات غير مألوفة في الفن مثل المناظر الشرقية، والمناظر الطبيعية المؤثرة المليئة بالأحاسيس والعواطف، والذي أدى لاكتشاف قدرة جديدة لحركات الدمج في الألوان النابضة بالحياة، وإثارة العواطف القومية والوطنية والمبالغة في تصوير المشاهد الدرامية.
وكان من أهم وأشهر فناني الرومانسية يوجيه دي لاكرواه وجاريكو، فقد صور لاكوروا العديد من اللوحات الفنية، ومن أشهرها لوحاته الحرية تقود الشعب، وفي هذه اللوحة عبر عن الثورة العارمة التي كانت قد ملأت نفوس الشعب الكادح وصور فرنسا على شكل امرأة ترفع علمَا ومعها الشعب الفرنسي في حالة اندفاع وبيدها اليسرى بندقية، وعلى يسارها طفل يحمل مسدسين، وكأنه يريد أن يقول لنا أن الغضب يجتاح نفوس عامة الشعب، ومن أعماله أيضا خيول خارجة من البحر.
المدرسة الواقعية
جاءت المدرسة الواقعية كرد على المدرسة الرومانسية، لأن أصحاب هذه المدرسة اعتقدوا بضرورة معالجة الواقع برسم أشكال الواقع كما هي، وتسليط الأضواء على الجوانب المهمة التي يريد الفنان إيصالها للجمهور بأسلوب يسجل الواقع بدقائقه بشكل موضوعي دون غرابة أو نفور.
فالمدرسة الواقعية جعلت المنطق الموضوعي أكثر أهمية من الذات فصور الرسام الحياة اليومية بصدق وأمانة، دون أن يدخل ذاته في الموضوع. لقد اختلفت الواقعية عن الرومانسية من حيث ذاتية الرسام، حيث أن المدرسة الواقعية ترى أن ذاتية الفنان يجب أن لا تدخل في الموضوع، ولكن الرومانسية ترى خلاف ذلك.
ويعتبر الفنان كوربيه واحد أهم فناني المدرسة الواقعية وقد صور العديد من اللوحات التي كانت الواقع الاجتماعي في عصره، باعتقاده أن الواقعية هي الطريق الوحيد لخلاص أمته والجدير بالذكر أن الفنان كوربيه فنان فرنسي سار على نهج الروامنسيين، وفي عام 1848 ميلاديًا بدأ يفكر في ترك الحركة الرومانسية، بعد أن أقتنع أنها تعتبر هربًا من الواقع ولجوء إلى الخيال والذاتية.
المدرسة الوحشية
المدرسة الوحشية هو اتجاه فني قام على تقليد المدارس التي سبقته، ولقد اهتم تابعي هذه المدرسة بالضوء المتجانس والبناء المسطح فكانت مشطحات ألوانهم تتألف دون استخدام الظل والنور، أي دون استخدام قيم لونية، لكنهم اعتمدوا على الشدة اللونية بطبقة واحدة من اللون، وقد اعتمدت هذه المدرسة على أسلوب التبسيط الذي كان أشبه بالرسم البدائي إلى حد التجريد أو التبسيط في الفن الإسلامي، ورائد هذه المدرسة هو الفنان هنري ماتيس الذي استخدم عناصر زخرفية إسلامية في لوحة النباتية الإسلامية.
أما سبب تسمية هذه المدرسة بالوحشية فيعود إلى عام 1906 م، لما قامت مجموعة من الشبان الذين يؤمنون باتجاه التبسيط في الفن بعرض أعمالها الفنية فلما شاهدها الناقد لويس فوكسيل وشاهد تمثالا للنحات (دوناتللو) بين أعمال هذه الجماعة التي امتازت بألوانها الصارخة، قال فوكسيل دوناتللو بين الوحوش، فسميت بعد ذلك بالوحشية.
المدرسة التكعيبية
المدرسة التكعيبية هي اتجاه فني اتخذ من الأشكال الهندسية أساسًا لبناء العمل الفني إذا قامت هذه المدرسة على نظرية التبلور التعدينية التي تعتبر الهندسة أصولا للأجسام. ولكنها اعتمدت الخط الهندسي أساسَا لكل شكل كما ذكرنا فاستخدموا الخط المستقيم والخط المنحني، فكانت الأشكال فيها اما أسطوانيه أو كرويه، والمربع والأشكال الهندسية المسطحة في المساحات التي تحيط بالموضوع، بينما تنوعت المساحات الهندسية في الأشكال تبعا لتنوع الخطوط والأشكال واتجاهاتها المختلفة.
وقد كان سيزان هو المهد الأول للاتجاه التكعيبي، ولكن الداعم الرئيسي لهذه المدرسة هو الفنان بابلو بيكاسو لاستمراره في تبينها وتطويرها لفترة طويلة. لكن الهدف ليس التركيز على الأشياء، وإنما على أشكالها المستقلة التي تحددت بخطوط هندسية صارمة، وكانت بداية المرحلة التي بدأها الفنان سيزان في عام 1907 ميلاديًا.
المدرسة التجريدية أو التعبيرية
اهتمت المدرسة التجريدية بالأصل الطبيعي، ورؤية الطبيعة من زاوية هندسية، بحيث تتحول المناظر إلى مجرد مثلثات ومربعات ودوائر، وتظهر فيها اللوحة التجريدية أشبه ما تكون بقصاصات الورق المتراكمة أو بقطاعات من الصخور أو أشكال السحب، بمعنى أنها مجرد قطع إيقاعية مترابطة ليس لها دلائل بصرية مباشرة، وإن كانت تحمل داخلها شيئاً من خلاصة التجربة التشكيلية التي مر بها الفنان في حياته.
وقد نال التجريد الكامل شهرة واسعة عبر أعمال التعبيريِّين التجريديين، على يد فنانين مثل جاكسون بولوك، وويلام دي كونينج، وأرشيل جوركي، وفرانز كلاين وروبرت مذرول.
المدرسة السيريالية
نشأت في فرنسا، وازدهرت جدًا في العقدين الثاني والثالث من القرن العشرين، وتميزت بالتركيز على كل ما يبدو غريب ومتناقضولا شعوري بشكل ما ولكن كانت تهدف للبعد عن الحقيقة وإطلاق الأفكار المكبوتة والتصورات الخيالية وسيطرة الأحلام.
في حين اعتمد فنانو السيريالية على نظريات فرويد للتحليل النفسي، خاصة فيما له علاقة بتفسير الأحلام. ووصف النقاد اللوحات السيريالية أو الاتجاه السيريالي بأنها تلقائية فنية ونفسية،لإنها تعتمد على التعبير بالألوان عن الأفكار اللاشعورية والإيمان بالقدرة الهائلة للأحلام.
ومن أشهر فناني المدرسة السريالية سلفادور دالي وماكس إرنست ورينيه ماغريت وكاي ساجا ودوروثيا مارغريت تانينج
المدرسة المستقبلية
بدأت في إيطاليا، ثم انتقلت لفرنسا، وكانت هدفها لمقاومة الماضي ولذلكسميت بالمستقبلية، واهتمت بالتغيير المتميز بالفاعلية المستمرة في القرن العشرين، الذي يعرف بالسرعة والتقدم التقني. وحاول الفنان في هذه المدرسة التعبير عن هذا التغيير والسرعة بالحركة والضوء، وكل الأشياء تتحرك وتجري وتتغير بسرعة. وتعتبر المدرسة المستقبلية الفنية صاحبة أهمية بالغة، لأنها تمكنت من إيجاد شكل متناسب مع طبيعة العصر الذي نعيش نحن فيه الآن، والتركيز على إنسان العصر الحديث. تأثر رساموها بالمدرسة التكعيبية وأهمهم كارّا وبوتشيوني وسيفيريني وبالا.
المدرسة الانطباعية
هي مدرسية فنية تم إيجادها في القرن التاسع عشر. واسم الحركة هو مستمد من عنوان لوحة للرسام الفرنسي كلود مونيه، انطباع شروق الشمس والتي قام بإنجازها عام 1872 ميلاديًا، وكان من أول من استعمال هذا الأسلوب جديد من التصوير، فتم اشتقاق اسم المدرسة الجديدة من اسم لوحته: الانطباعية.
وهو أسلوب فني في الرسم بيعتمد على نقل الواقع أوالحدث من الطبيعة مباشرة وكما تراه العين المجردة بعيداً عن التخيّل وفيها خرجوا من المرسم ونفذوا أعمالهم في الهواء الطلق مما دعاهم للإسراع في تنفيذ العمل الفني قبل تغّير موضع الشمس في السماء وبالتالي تبدّل الظل والنور.
أما أهم فناني المدرسة الانطباعية هم: ادوار مانيه وبول سيزان وكلود مونيه وإدغار ديكاس وأوغست رونوار وألفرد سيسلي وغوستاف كايليبوت وميشال بيتر آنشر وفينسنت فان غوخ
كان هذا ملخصًا بسيطًا عن مدارس الفنون التشكيلية من بداية عصر النهضة.. إذا أحببت قراءة المزيد فتابعنا على موقعنا أو على صفحة الفيس بوك