عندما تخبر من حولك أنّك تعمل في مجال التصميم الجرافيكي، فإنّ أول ما يتبادر إلى أذهانهم هو جلوسك بكل أناقة في أحد المقاهي الفاخرة، هذا إن لم تكن ستاربكس، وأنت تستمع للموسيقى وتنقر على فأرة حاسوبك المحمول بكل راحة بال، لتنهمر عليك الدولارات وأنت تمارس ما تحب، و حبّذا لو كان الأمر هكذا، فعلى الرغم من متعة مهنة التصميم الجرافيكي ومجاراتها للعصر، والازدياد في الطلب عليها، إلّا أنّها مليئة بالعقبات والتحدّيات التي قد لا تناسب البعض، وتدفعهم لتغيير مسارهم الوظيفي، في حال كنت تفكر في اتّخاذ التصميم الجرافيكي كمهنة، أو أنّك مصمّم وتواجه بعض الصعوبات، ستجد في هذا المقال ما يثير اهتمامك ويلهمك.
أهميّة البقاء على اطّلاع دائم
في هذا العالم المتجدّد والمتسارع، على مصمم الجرافيك أن يبقى مواكباً لأحدث سبل التسويق، وترندات المحتوى المرئي كي يحفظ لنفسه مكاناً في سوق التصميم الجرافيكي التنافسيّة.
الأمان الوظيفي
مع اتّساع سوق العمل الحر، وارتباطه الشديد بمهنة التصميم الجرافيكي؛ أصبح أغلب أرباب العمل يميلون لتوظيف مستقل لينجز لهم تصاميم المنشورات أو الهويّة البصريّة لعملهم التجاري، دون الحاجة لتعيينه كموظّف دائم في الشركة، هذا النوع من العمل عند الطلب يناسب البعض، إلا أنّه يجعل المصمم يعيش في حالة من عدم الاستقرار، ناهيك عن سلبه الكثير من حقوقه كالإجازات المدفوعة، التأمين الصحّي، أو حتى مكافأة نهاية الخدمة وراتب التقاعد.
لا تتعجّل الإبداع
يتطلّب التصميم الجرافيكي قدراً من الإبداع وحالة مزاجيّة جيدة لدى المصمم، كما قد يتغيّر مفهوم التصميم عدّة مرّات، ما يجعله يبدأ من الصفر مجدّداً، ومن المؤسف أنّ أغلب أرباب العمل لا يدركون مدى صعوبة موازنة الفكر الإبداعي ضمن نطاق زمني محدّد لتسليم المشروع.
بإمكانك الاطّلاع على مقالنا هذا لاستلهام أفكار لتصميمك المقبل: من أين يستمد مصمم الجرافيك الإلهام؟
تسعير الفن
موقع التصميم الجرافيكي ما بين الفن، والعمل التجاري، يجعل تسعيره صعباً، فالكثيرون يدفعون مقابلاً لعدد التصاميم أو حجمها بالبكسلز ولا يضعون بالحسبان الوقت المبذول عليها، دراسة هويّة العمل والفئة المستهدفة التي سبقتها، أو سنين الخبرة التي قضاها المصمّم حتى وصل لهذه النتيجة.
الزبون دائماً على حق
سواء أعجبك الأمر أم لا، فأنت بحاجة موافقة العميل على التصميم حتى تتقاضى أجرك، حتى إن لم يكن يعرف أسم أداة أو فرشاة واحدة، حتى إن كانت الفكرة التي يرديها مبتذلة ولا ترغب بتصميمها، حتى وإن كانت اعتراضاته حقّاً مستفزّة، كاللون البني ليس بنيَاً جدّاً، أو أنّ التصميم جميل أكثر من اللازم! أو أنّه ببساطة لا يعجبه، حتى دون تقديم سبب واحد، أنا واثقة أنّ من يعملون في هذا المجال ربما سمعوا ما هو أغرب من ذلك وطبعاً لا ننسى العبارة الشهيرة (كبّر اللوغو) حتى لو على حساب كل تكوين الصورة.
إيصال الرسالة، لا تلقيمها
غالباً ما يقع على عاتق التصميم أن يوصل رسالة للجمهور، حول منتج يراد التسويق له، قيمة اجتماعيّة يتم الترويج لها، أو التقليل من قدر فئة منافسة بشكل غير صريح، وهذه المهمة ليست بسهلة، فنطاق سلطتك هو هذا الإطار الرباعي الذي لا صوت به ولا حركة، وعليك ألا تشعر الناظر أنك تملي عليه ما يجب أن يفكر بل تركه يستنبط العبرة وحده، والأهم، يتقبّلها.
قيود الألوان
تخيّل أنك تريد أن ترسم لوحةً لفرقة راقصة تعج بالحياة، ويصطف حولها الحضور من كل مكان، إلا أنّك تملك ثلاثة ألوان خشبيّة فقط في علبتك، هذا تماماً ما يشعر به مصمم الجرافيك عندما يتقيّد في تصاميمه بألوان الشركة أو اللوجو الخاص بها، ويكتمل الكابوس إن كانت ألواناً حياديّة، ما قد يجعل تصاميمه باهتة بنظره، ويفتقر بذلك رضاه عما أنجزه.
الاحتراق الوظيفي
على عكس المهن التقليديّة، لا ينفذ صبر مصمم الجرافيك من الإجهاد أو العمل لساعات طويلة، بل غالباً ما يكون السبب هو حاجته للدفاع عن تصاميمه، وقراراته بشأن كيف يجب أن تكون الألوان أو العناصر، وإرضاء العميل الذي لا يعرف ما يريد، وعدم أخذ مهنته على محمل الجد، وصعوبة إيجاد توازن ما بين العمل والحياة اليوميّة، حيث تتطلّب مهنته قضاء وقت طويل وراء شاشة الحاسوب منفرداً.
قد يبدو هذا العمل رهيباً بعد كل ما قلناه، إلا أنّه حقيقةً ما من مهنة بلا تحدّيات، لذا سنختم ببعض المفاتيح التي قد تساعدك في مواجهتها:
- اعمل على تحسين مهارات التواصل لديك، واختر الحلول الوسطى لإرضائك أنت والعميل، وتأكّد من أنك قد فهمت تماماً ما يريده منذ البداية، لتوفّر وقت الإعادة، ولا تبدأ إن كان العميل متردّداً ومتحيّراً بل كن حازماً واطلب منه تعليماتٍ واضحة.
- العمل هو مجرّد عمل، قد تكون غير راضٍ عن النتيجة، لكنّك تكسب لقمة عيشك، لذا من المفيد أن تنشئ صفحة خاصّة بأعمالك الإبداعيّة، أو معرض أعمال للتصاميم التي تمّت باختياراتك الخاصّة.
- الاطّلاع الدائم سيعود عليك بالإلهام ويبقيك متّصلاً مع جمهورك.
- أحب عملك!، التصميم الجرافيكي مهنة جميلة ولا غنى عنها في عالمنا اليوم، افخر بعملك واستمتع به.